في تحول غير مسبوق ضمن المشهد المالي العالمي، عززت المؤسسات المصرفية المركزية في جميع أنحاء العالم من استحواذها على الذهب، محققةً رقماً قياسياً بلغ 800 طن متري في أول ثلاثة أرباع من عام 2023، مما يمثل زيادة كبيرة بنسبة 14% مقارنة بالعام الماضي. هذه العملية الاستراتيجية تشير إلى تكتيك أوسع لتعزيز الحماية ضد ضغوط التضخم وتقليل الاعتماد على الدولار الأمريكي ضمن الاحتياطيات الدولية. وتتقدم الصين في هذا الاتجاه، حيث جمعت 181 طنًا، مما رفع احتياطياتها من الذهب إلى 4%. علاوة على ذلك، ومع التحديات الاقتصادية، يتوجه المستهلكون الصينيون بشكل متزايد نحو الذهب كأصل مفضل، بحثًا عن ملاذ موثوق للثروة في ظل قطاع عقاري يعاني من التحديات، ويوان متراجع، وعوائد متناقصة.
على الرغم من الاتجاهات التقليدية في الأسواق التي تشير إلى أن قوة الدولار الأمريكي وارتفاع عوائد السندات يؤديان إلى انخفاض أسعار الذهب، إلا أن الاستمرار في شراء الذهب من قبل البنوك المركزية قد دعم بشكل غير متوقع قيمة المعدن. نظرًا لأن أسعار الذهب تُسعَّر بالدولار، فإن قوة الدولار عادةً ما تقلل من جاذبيته عالميًا، مما يجعله أقل قدرة على التحمل. في الوقت نفسه، يقل جاذبية الذهب مع ارتفاع عوائد السندات، نظرًا لأن حيازة الذهب لا توفر دخلًا منتظمًا، على عكس السندات، مما يزيد من تكلفة الفرصة البديلة للاستثمار في الذهب.
تشير التوقعات إلى أن مشتريات البنوك المركزية من الذهب قد تتجاوز الرقم القياسي للعام الماضي البالغ 1,081 طنًا. هذا الطلب القوي من البنوك المركزية، إلى جانب الاهتمام الكبير من المستثمرين الصينيين، من المتوقع أن يدفع سوق الذهب نحو ذروته، مع اقتراب الأسعار من المستوى التاريخي البالغ 2,072 دولارًا للأونصة، مقارنةً بالمستوى الحالي البالغ 1,985 دولارًا.
